إدارة التوجيه المعنوي تحاور وزير الدفاع اللواء “سليم ادريس”

يسرّ إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري أن تلتقي مع السيد اللواء “سليم إدريس” وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان العامّة في الجيش الوطني السوري .
البداية من إدلب سيادة اللواء، اتفاقية إدلب صامدة منذ حوالي الشهرَين حتى الساعة، هل برأيك سيستمرّ صمودها وتتحوّل إلى وقف دائم للأعمال القتالية في محافظة إدلب على وفق المعطيات الحالية؟
الجواب_1: جاء اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في إدلب بعد اجتماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الرئيس الروسي بتاريخ 05/3/2020، واتّفق الطرفان على وقف لإطلاق النار اعتباراً من تاريخ 06/03/2020، وقد جاء هذا الاتفاق بعد حملة همجية نفّذتها قوّات نظام الطائفية والاستبداد وحلفيها الإيراني وميليشياته الطائفية المتعدّدة مدعومين بالطيران الروسي الذي كان يمهّد بشكل عنيف جداً. ذكرت مصادر إعلامية متعدّدة بعد انتشار أنباء الاتفاق أنّ الجانبَين قد اتفقا على جملة إجراءات من شأنها المساهمة في ترسيخ وقف إطلاق النار. من المعلوم أنّ النظام السوري المستبدّ والقوى المتحالفة معه لا عهد لهم ولا ذمّة، ولم يحترموا أغلب الاتفاقيات المبرمة معهم كاتفاقيات وقف التصعيد التي تنكّروا لها هم وحليفهم الروسي. الجميع يعلم أنّ خروقات النظام وحلفائه لهذه الاتفاقيات كانت يومية الحدوث،ووكانت تنتهي في أغلب الحالات بهجمات عنيفة ينتج عنها السيطرة على مزيد من الأراضي بفضل الدعم الجوّي الروسي، ولذلك أنا غير متفائل بأنّ هؤلاء سيحترومون هذا الاتفاق، والدليل ما يحدث من خروقات بشكل شبه يومي، وهناك مؤشّرات ودلائل على أنّ النظام قام مرّات عديدة بعد توقيع الاتفاق بتحشيد قوّاته على محاور مختلفة من الجبهة، وقام بمحاولات تسلّل إلى المناطق المحرّرة، ولكنّه لم ينجح في تحقيق تقدّم، وعادت الحال إلى مناوشات وخروقات كالمعتاد. كلّ ذلك يحتّم على تشكيلات الجيش الوطني السوري المرابطة على خطوط التماسّ اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر والاستعداد القتالي الدائم لصدّ أيّ هجمات قد يفكّر العدو بالقيام بها.
هناك رفض واضح من الأهالي للعودة إلى مناطقهم التي سقطت بداية هذا العام جنوبي إدلب وشرقيها بيد نظام الأسد والميليشيات الداعمة له، هل ستنفّذ تركيا تحذيراتها بخصوص إعادة النظام إلى ما بعد مورك جنوباً حسب “حدود سوتشي”؟
الجواب_2: الأهالي الذين نزوحوا من ديارهم بسبب القصف الهمجي الروسي والمعارك التي دارت في المنطقة، والذين لا تزال مناطقهم تحت سيطرة النظام لا يثقون نهائياً بهذا النظام ولا يمكن أن يعودوا إلى ديارهم التي دمّر الطيران الروسي بنيتها التحتية ونهبت قوّات النظام والمتحالفون معها كلّ ما وقعت عليه أياديهم من ممتلكات المواطنين، وهم يعلمون أنّ من يعود ستكون فرق القتل والسحل بانتظاره، حيث مارس النظام -كعادته في هذه المعارك- سياسة حرق الأرض وتهجير ساكنيها لأنّهم يريدون أرضاً بلا سكّان، وهذا جزء من خطّتهم الإجرامية التي تُنفَّذ على الأرض بمساعدة روسيا وإيران، التي ملخَّصها إحداث تغيير ديموغرافي على الأرض واستبدال أهلها الذين ثاروا على بشارون الكيماوي وحكمه الديكتاتوري بمرتزِقة إيران وميليشاتها الطائفية المختلفة.
الحلّ الواضح الذي يمكن أن يمنع هؤلاء من تنفيذ جريمتهم هو خروج قوّات النظام إلى الخطوط التي كانت قد اتُّفق عليها في مفاوضات الأستانا – سوتشي، أي جنوب مورك، وبالطبع نحن لا ننتظر أن يفعلوا ذلك، وأنا واثق بأن هذه المناطق لا يمكن تحريرها إلا بالقوّة. علينا نحن -الجيش الوطني السوري- أن نعمل كلّ الوسائل المتاحة لاستعادة ليس فقط هذه المناطق، وإنّما تحرير كامل التراب السوري من كلّ قوى الاحتلال( روسي – إيراني) ومن قوّات الجيش الخائن الذي دمّر البلاد بأوامر من مجرم باع الوطن وأهله أملاّ في أن يستمرّ في التربّع على عرش رئاسة اغتصبها بالزور والبهتان.
منذ أيام قليلة وخلال شهر رمضان المبارك ارتكبت الميليشيات الانفصالية محرقة في مدينة عفرين راح ضحيتها أكثر من أربعين شهيداً، ما هي الخطوات الملقاة على عاتق الجيش الوطني في هذا الخصوص لمنع تكرار مثل هكذا اختراقات أمنية قاتلة؟
الجواب_3: إنّ ضمان أمن المناطق المحرّرة يحتاج إلى منظومة أمنية متكاملة تعمل استناداً إلى خطّة أمنية تُوزّع فيها المهامّ والمسؤوليات على الجهات التي يفترض أن تشارك فيها كافّة. عموما في دول العالم كافّة تُوزّع المهامّ الأمنية، بحيث يُكلّف الجيش بحراسة الحدود والدفاع عنها ضدّ أيّ أخطار خارجية، وتقع مسؤولية الأمن الداخلي على الشرطة، ويساعد في كلّ ذلك أجهزة أمن( استخبارات) عسكرية ومدنية لتحصيل معلومات استخبارية عن النشاطات المعادية كافّة.
الوضع في المناطق المحرّرة يختلف كثيراً عما هو عليه في الدول المستقرّة، وتحقيق الأمن فيها يحتاج إلى تعاون وثيق بين الجيش الوطني والشرطة المدنية، وتعاون جميع المواطنين الشرفاء، حيث يجب على كلّ من يحصل على معلومة تخصّ أمن المواطنين أن يسارع بإيصالها إلى الجهات المختصّة.
ما يجب على الجيش الوطني فعله بخصوص الجانب الأمني هو:
تشديد الحراسة على خطوط التماس مع العدوّ.
نصب كمائن في المناطق التي قد يفكّر المهرّبون( سيارات وأفراد) بالعبور منها إلى المحرّر.
تزويد المعابر بكاميرات مراقبة تعمل على مدار الساعة وبأجهزة كشف للمتفجّرات ويا للأسف هي غير متوافرة حتى الآن.
التفتيش الدقيق للسيارات والأفراد الذين يدخلون إلى المناطق المحرّرة من المعابر( عندما تكون هذه المعابر مفتوحة).
التفتيش الدقيق للآليات والأفراد كافّة على مداخل البلدات والمدن.
تعزيز العمل الاستخباراتي.
التعاون الوثيق والدائم مع الشرطة المدنية.
حالياً يقوم الجيش الوطني بالعديد من هذه الواجبات بالإمكانات المتوافرة، ويبذل قصارى الجهد لمنع حدوث تفجيرات إرهابية، وهنا من الضروري أن نشير إلى أنّ هذه السيارات والدراجات المفخَّخة ليس بالضرورة أن تكون قد دخلت من المعابر، وهناك احتمال كبير أنّها تُجهَّز في الداخل المحرّر من قِبَل عملاء الميليشيات الإجرامية الانفصالية، وهنا تظهر ضرورة وجود جهاز استخبارت قوي ومنظَّم وتعاون الأهالي مع الأجهزة الأمنية لكشف مثل هذه الأعمال قبل حدوثها.
بالنسبة لعملية نبع السلام ، ما زالت مدينة “عين العرب ” تشكل عائقاً أمام وصل منطقتَي عمليات “درع الربيع” مع “درع الفرات “، فهل سيكون هناك عمل عسكري قريب لتحرير المدينة المذكورة ومناطق أخرى ذات أهمية إستراتيجية للثورة السورية وحلفلائها ؟
الجواب_4: كنّا نتمنّى خلال عملية نبع السلام أن نتمكّن من تحرير كامل المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية الانفصالية، ولكن كما يعلم الجميع هناك مواقف دولية لدول عظمى لها تأثير سياسي وعسكري قوي جداً، وهي موجودة في ساحة الصراع مثل روسيا وأمريكا التي زجّت بكلّ ثقلها السياسي وأعاقت توسيع العملية العسكرية. ثمّ إنّ هناك عدداً كبيراً من الدول الأوروبية وبعض الدول العربية مارست خلال المعركة نشاطاً سياسياً وإعلامياً تضليلياً هائلاً لدعم الميليشيات الإرهابية الانفصالية، وعملت بكلّ ما لديها من إمكانات لوقف العملية العسكرية.
نحن في الجيش الوطني السوري ننتظر بفارغ الصبر أن تتاح الفرصة لتحرير منبج، وتل رفعت، وعين العرب المدن والبلدات الأخرى الواقعة حاليا تحت سيطرة عصابات قسد وPKK/PPD كافّة وأراضي الجمهورية المحتلَّة حالياً من الروس والفرس كافّة.
هل هناك خطة مستقبلية بالتعاون مع الأخوة الاتراك لزيادة تنظيم الجيش الوطني السوري وترسيخ النظام العسكري فيه بشكل أكبر؟
الجواب_ 5: نعم توجد خطّة لتنظيم الجيش الوطني السوري والانتقال به من الحالة الراهنة إلى حالة عسكرية كاملة، وهذه الخطّة ستُنفَّذ بالتنسيق مع قادة التشكيلات والقادة من المستويات كافّة، ونأمل أن تتاح لنا الإمكانات اللازمة والظرف المناسب لتحقيقها. الحالة الراهنة معروفة للجميع وهناك الكثير من الجهد والعمل الذي بذله الأخوة القادة والمقاتلون في التشكيلات الحالية للجيش الوطني والذي سيُبنى عليه -بدون شكّ- في خطوات الانتقال إلى الحالة العسكرية الكاملة.
من الضروري هنا أن نذكّر الجميع أنّ تشكيلات الجيش الوطني السوري الحالية هي التي حّررت مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام من داعش، ومن العصابات الإرهابية الانفصالية، وهي التي تدافع عن المناطق المحرّرة في أرياف إدلب وحلب والساحل، وعندما نقول الجيش الوطني السوري نقصد الفيالق الأول والثاني والثالث والجبهة الوطنية للتحرير. كلّ هذه الأعمال البطولية أثارت علينا حقد الحاقدين المأجورين الذين ينبحون ليل نهار على فضائيات معروفة بعدائها لنا ولثورتنا وبارتباط مموّليها بمشاريع تريد تقسيم سوريا وتخريبها. لقد قدّم الجيش الوطني السوري قوافل من الشهداء لتحرير هذه الأرض، ولم ولن يبخل بأيّ شيء لتحرير سوريا من طاغية الشام وقوى الاحتلال الروسي والفارسي المجوسي، وسيبقى شوكة في حلق أعدائه جميعاً.
ظهرت في الشهور الأخيرة بروباغندا إعلامية مكثَّفة حول إمكان تخلّي موسكو عن رأس النظام، هل هذا السيناريو بات قريباً من الواقع برأيكم؟
الجواب_ 6: روسيا – بوتين كانت داعمة للنظام المجرم في دمشق ولم تتوانَ عن إمداده بكلّ ما يحتاج إليه من أسلحة وذخائر، ودعم اقتصادي، ودعم سياسي، واستخدمت حقّ النقض( الفيتو) مرّات ومرّات كي تمنع إدانة النظام من داخل مجلس الأمن، ثم اضطرت للتدخّل العسكري في( أيلول/ سبتمبر عام 2015) لمنع سقوط النظام الذي كان وشيكاً. روسيا لم تساند بشارون الكيماوي حباً فيه، بل ساندته لأنّ لها مصالح ضخمة في سوريا، وقد باعها بشارون مطار حميميم، ووقّع عقوداً معها لاستثمار حقول الغاز السورية الضخمة، وباعها مناجم الفوسفات وغيرها وغيرها -هذا غير الذي باعه لإيران-. واليوم بات النظام المستبدّ مديناً لروسيا بالكثير وهو غير قادر على السداد. منذ مدّة ليست قصيرة والروس يهينون بشارون ويسخرون منه في مواقف متعدّدة معروفة للجميع، ويبدو في الآونة الأخيرة أنّهم قد اقنعوا بأنّه هو رأس الفساد المستشري في سوريا، وأطلقوا بالوناتهم الإعلامية لجسّ النبض، وأنا واثق بأنّهم سيتخلصون منه، ولكن لا أستطيع أن أحدّد المدّة التي يحتاجون إليها لتنفيذ ذلك لأنّ هذا الأمر يتعلّق بأمور كثيرة لا مجال لذكرها هنا. منذ عام 2013م أعلم يقيناً أنّ الروس غير متمسّكين ببشارون واليوم لاشكّ أنّ بشارون أصبح يشكل عبئاً عليهم ولا مصلحة لأحد ببقائه .
هل تتوقّعون سيادة اللواء أنّ المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتّحدة الأمريكية غيّر رؤيته البرغماتية تجاه نظام الأسد؟ أم أنّ الأمر لا يعدو أكثر من كونه تصريحات صورية؟
الجواب_ 7: المجتمع الدولي كلّه يعلم أنّ:
نظام بشارون هو نظام ديكتاتوري إرهابي.
نظام بشارون استخدم السلاح الكيماوي مرّات ومرّات ضدّ المدنيين السوريين.
نظام بشارون هجّر أكثر من ثلثي الشعب السوري داخل البلاد وخارجها.
نظام بشارون يتعاون مع تنظيم القاعدة الإرهابي، وهو الذي صنع التطرّف، وكان ولا يزال داعماً للإرهاب.
نظام بشارون أحرق سوريا( نيرون أحرق روما وهي مدينة واحدة)، أما هذا المعتوه فقد أحرق بلداً بأكمله وشرّد أكثر من 13 مليون سوري.
نظام بشارون دمّر النسيج الاجتماعي السوري وصنع شرخاً بين مكوّنات الشعب سيحتاج إلى وقت طويل جداً لإصلاحه.
ولم يفعل المجتمع الدولي شيئاً، ولن يفعل. المجتمع الدولي وَهْم يجب أن أن نتعلّق به، ويجب أن نعتمد بعد الله على أنفسنا للخلاص من هذا الجلّاد. صحيح أنّنا يجب أن نعمل لإيصال صوتنا وشرح قضيتنا للعالم كي لا نسمح لأجهزة النظام الإعلامية ولداعميه بتضليل الرأي العام العالمي، ولكن يجب أن لا ننتظر حلاً لمعانتنا من المجتمع الدولي.
كلمة أخيرة سيادة اللواء .
ختاماً أتوجّه بالتحية والتقدير إلى كلّ أخوتي وأبنائي في الجيش الوطني السوري قادة ومقاتلين، داعياً المولى عزّ وجلّ أن يحفظهم وأُسرهم وكلّ شعبنا الأبي الصابر من كلّ مكروه، وأن ينصرنا على المحتلّين والإرهابيين الانفصاليين. كما أدعوهم إلى زيادة الاهتمام بالإعداد والتدريب، وأدعو الأخوة القادة إلى الاهتمام بشؤون المقاتلين. يا أبطال الجيش الوطني السوري، أنتم الأمل في الخلاص والتحرير ولكم كلّ التحية والمحبّة، ولا تنسوا أن تكونوا عوناً لأهلكم في المناطق المحررة وأن تتحلوا بأعلى درجات الانضباط. تحية إلى أرواح شهدائنا الأبرار والشفاء العاجل للجرحى، وبإذن الله ستتحرّر سوريا وتعود درّة في كلّ المنطقة وما ذلك على الله بعزيز. لا تلتفتوا إلى الحاقدين المغرضين، فالعربة تجري وهؤلاء ينبحون وليس لهم إلا الخزي والعار. سدّد الله خطاكم إلى ما فيه الخير والبركة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.