المقالات

التغريبة الحلبية.. بين وجع التهجير وأمل العودة

 

في مثل هذه الأيام وقبل ست سنوات وتحديداً في(15 كانون الأول/ديسمبر 2016م)، وفي أحضان الشتاء البارد بدأت الفصول الأخيرة لعمليات التهجير لأهلنا في حلب.

بدأت سنة 2015م بعد عملية برّية لميليشيا عصابة الأسد المحرمص والميليشيات الإيرانية الإرهابية وميليشيا حزب الله اللبناني الإرهابي استمرّت سنتَين متَّبعةً سياسة الأرض المحروقة بحقّ كلّ ما تأتي عليه، وكانت ترمى إلى إطباق الحصار على أحياء حلب الشرقية، وهذا ما حدث فعلاً بعد أن سيطرت تلك الميليشيات على طريق الكاستيلو قاطعة بذلك شريان ريف حلب الشمالي عن المدينة.

لتبدأ مرحلة حصار استمرّت أربعة شهور متواصلة، بينما كانت قاذفات المحتلّ الروسي وعميله نظام بشار الأسد تُلقي وابلاً من حِمَمها البركانية فوق رؤوس ساكني تلك الأحياء من الشيوخ والنساء والأطفال، وبينما كانت قطعان ميليشيات النظام والميليشيات الإيرانية الإرهابية المساندة له تزحف باتجاهها بعد دكّ بيوتها بآلاف من القذائف المتنوّعة ما بين مدفعية وراجمات صواريخ وصواريخ أرض أرض، لتتحوّل تلك الأجساد الغضّة الطريّة إلى أشلاء ممزَّعة في الشوارع وتحت سقوف المنازل.

إنّها الأشلاء الشاهدة على تخاذل المجتمع الدولي وصمته عن أكبر عملية تهجير شهدتها الثورة السورية؛ إذ لم تقم الأمم المتحدة بدورها المنوط بها إنسانياً من حمايةٍ للمدنيين أثناء النزاع المسلَّح ومنع تهجير الناس قسراً من بيوتهم، بل اكتفت بدور الراعي لعلمية التهجير والمحصي لأعدادهم، إذ كشف -وقتها- مساعد مبعوث الأمم المتّحدة إلى سوريا “يان إيغلاند” أنّ عدد من سيجري إجلاؤهم من حلب يبلغ نحو 50 ألف شخص.

تهجير استمرّ سنتين، بلغ عدد من هُجّر من أحياء حلب الشرقية 150 ألف مدني، كان آخرهم ما يقارب 40 ألف من الأحياء الشرقية بعد تلك الحملة الشرسة، ممّا دفع الأهالي والمقاتلين المحاصَرين في أحياء قليلة(المشهد، الزبدية، الأنصاري، السكري، وأجزاء من حي صلاح الدين، وسيف الدولة، والإذاعة) للرضوخ للاتفاقية والخروج من مدينتهم بعد قصفٍ وقتلٍ وأمراضٍ فتكت بالمدنيين الذين كانوا يلتحفون العراء بين الشوارع.

ومع لوعة فراق الوطن على أهلنا المهجَّرين إلا أنّ الأمل لا يزال حيّاً في نفوس أبناء شعبنا الحرّ الصابر ومن خلفه أبطال جيشنا الوطني القابضين على الزّناد، الذين يواصلون ليلهم بنهارهم تدريباً واستعداداً وتجهيزاً حتى تحين ساعة الانقضاض على هذا النظام المجرم للخلاص منه، لينعَم شعبنا بالحرّية والكرامة الإنسانية، ويعود أهلنا المهجَّرون إلى مسقط رأسهم منصورين مكرَّمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق